03
Feb
الصفحة الرئيسية » الحياة والعمل » طيور البلبل النغري في حديقة منزلنا
أهلاً بكم في مدونتي حيث أشارككم قصة غير اعتيادية عن طيور البلبل النغري التي اختارت حديقة منزلنا كمأوى لها في صيف 2023. دون أي استئذان، قرر زوج من البلابل الاستقرار في فرع كثيف من شجرة المورينجا، ليشيدوا عشًا فريدًا مصنوعًا بعناية من أغصان صغيرة وقش، مرتب بشكل هندسي مذهل. هذا العش المتقن يعكس الفطرة الرائعة التي وهبها الله لهذه الطيور الصغيرة، والتي أضفت لمسة من السحر على حديقتنا
كنا نراقبهم من بعيد عبر النافذة، حيث كان طائر البلبل يعود باستمرار محملاً بالطعام لسيدته التي تظل جاثمة على العش برفقة بيضها. كل يوم، نتابع هذه الطيور المدهشة وهي تتنقل بين الأغصان وتعود إلى العش، تقترب من صغارها التي بدأت تظهر رؤوسها الصغيرة من العش الحامي. عندما يتقدم الوالدين، يبدأ الصغار في الصياح طلبًا للطعام، مما يعكس إصرارها على البقاء والنمو. ومع مرور الأيام، كست الريش أجسادها الصغيرة وبدأت في استكشاف العش بجرأة أكبر، وكأنها تستعد للتحليق في السماء الواسعة. لقد اقترب موعد مغادرتها للعش، ولكنها لن تنسى أبدًا الحب والرعاية التي قدمها لها والديها. سبحان الذي أبدع في خلقه وأتم هذه المهمة الرائعة من التربية والتعاون بين الوالدين
لم نكن نعرف بالتحديد متى غادرت الفراخ العش، ولكن في أحد الأيام، عندما هبت ريح عاصفة، نظرنا من النافذة كعادتنا لنرصد الطيور، ولم نجد أحدًا. وبعد بحث دقيق، لمحنا اثنين من الفراخ الصغيرة يقفان بشجاعة على أحد فروع شجرة المورينجا، متشبثين بأقصى ما لديهم من قوة بمخالبهم الصغيرة. كانت مفاجأة لنا، ولكن تساءلنا: أين ذهب الثالث؟
اقتربنا بحذر ورأفة لنرى إن كان بإمكاننا التقاط صور قريبة لهما، وكانا متشبثين بفرع الشجرة وكأنهما جزء منه. بينما كنا ننظر حولنا، لمحنا الفرخ الثالث متواجدًا أسفل ساق الشجرة الكبيرة، يحدق إلينا بعينيه الصغيرتين وكأنه يقول: “ماذا تريدون مني؟ دعوني بسلام!” ومع ذلك، استطعنا التقاط بعض الصور بسرعة وهدوء، محافظين على احترامنا لهذه المخلوقات الصغيرة. في تلك اللحظة، سمعنا صوت الوالدين، وكأنهما يراقباننا عن كثب دون أن نتمكن من رؤيتهما. ربما كانا خائفين أن نؤذي صغارهما. ليتهم يعرفون أننا لا نريد سوى السلامة لهم. لكن كيف نشرح ذلك لهم؟ تقدم أحد الطائرين نحونا، ربما الأم أو الأب، وقام بحركة تحذيرية، وكأنه يقول: “ابتعدوا فورًا!”، وهو تصرف طبيعي لحماية الصغار. ابتعدنا بسرعة لنطمئنهم، وبدون شك، لم يكن لدينا أي اعتراض على منحهم لحظة الفرح بانتصارهم على هذا الكائن البشري المخيف. بل إننا نأمل أن يكونوا قد أدركوا أننا لسنا أعداء لصغارهم
بعد تلك الليلة، لم يعد أحد إلى العش، وأصبح مع مرور الوقت مهجورًا. تساءلنا، هل سيعودون إليه مرة أخرى؟ هل سيعيدون الكرة مثلما فعل صديقنا الدوري؟ وهذا ما لا نعلمه. قد يكون هناك زائر دوري آخر أو ربما نفس الطائر، ولكنه يقيم بجانب فتحة قريبة من جهاز التكييف ويعود بين الحين والآخر.
كنا نستمتع كل صباح بسماع أصواتهم الجميلة وزيارتهم المتكررة لحديقتنا. كانوا يفضلون الوقوف على زهرة شجرة الصبار لارتشاف رحيقها، مثلما يفعلون مع زهور شجرة المورينجا. للأسف، لم نتمكن من التقاط صور لهم، فهم سريعون للغاية ولا يبقون في مكان واحد لفترة طويلة. كانوا يأتون لشرب الماء والتقاط قطع الخبز الصغيرة التي وضعناها لهم على أطراف الحديقة. وفي هذا التجمع، لاحظنا كيف يستمتعون بأوقاتهم بلا انقطاع، رغم المعارك الصغيرة التي تحدث أحيانًا بين الطيور الأخرى على كسرات الخبز، ورغم توفره للجميع، إلا أن فطرة البقاء للأقوى دائمًا ما تسود. وهكذا، انتهت هذه القصة
لمن يسعى لكسب الأجر بإذن الله، أوصي بوضع أوعية ماء للطيور، خاصة في أيام الصيف الحارة، حيث يكون الحصول على الماء صعبًا بالنسبة لها للشرب والاغتسال. سبحان الله، الطيور مفطورة على حب الماء والاستحمام.
ومع ذلك، فإن دورنا لا يتوقف عند تقديم الماء والطعام فقط، بل يجب علينا أيضًا الاهتمام بنظافة المكان. ترك الأوعية دون متابعة قد يؤدي إلى تكاثر الفطريات والحشرات وانبعاث الروائح الكريهة. لذا، الحفاظ على نظافة المكان ليس بالأمر الصعب، بل يمكن أن يكون تجربة ممتعة ومجزية وسط أصوات تغريد العصافير
يمكنكم إطعام الطيور ببقايا الخبز والحبوب والفواكه (بدون زيوت)، مع التأكد من خلوها من الفطريات أو العفن. وإذا كان لديكم الوقت، يمكنكم زيارة المتجر وشراء بعض الحبوب الخاصة بالطيور، مثل تلك التي تفضلها طيوري
اختيار الإناء المناسب (يفضل الفخار أو البلاستيك، مع تجنب المعدن)، ويجب تنظيفه بانتظام. شخصيًا، أفضل الفخار لأنه أثقل وأكثر ثباتًا في حالة نقص الماء أو وجود رياح قوية، لكن الخيار النهائي يعود لكم.
الاهتمام بالحيوانات والطيور هو جزء من باب الرحمة، وهو مبدأ أساسي في ديننا. من المهم أيضًا تعليم أطفالنا الصغار كيفية الاهتمام بها، وعدم إيذائها في أعشاشها أو إخافتها، فالله يرحم من يظهر الرحمة
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، ومررنا بشجرة فيها فَرْخا حُمَرَة (طائر صغير)، فأخذناهما، فجاءت الحُمَرَة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تصيح، فقال عليه الصلاة والسلام: من فجع هذه بولدها؟ ردوهما إليها.
وفي موقف آخر، عندما أقام عمرو بن العاص فسطاطاً في مصر وأراد نزع هذا الفسطاط، وجدوا عش حمامة قد وضعت بيضها. فأمر عمرو بن العاص بألا يُزال الفسطاط حتى تفقس البيوض وتكبر الفراخ وتطير. وللمعلومة، “الفسطاط” يعني الخيمة، وقد كانت فسطاط أول عاصمة لمصر تحت الحكم الإسلامي والتي بناها القائد المسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه. وهكذا ينبغي أن نتعامل ونطبق دين الرحمة قدوة بنبينا صلى الله عليه وسلم